فصل: استيلاء أبي علي على بلد الجبل.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء ماكان على كرمان وانتقاضه.

لما ملك مانحين جرجان وأقام ماكان بنيسابور وجعلت ولايتها له وهلك مانحين لأيام من دخوله جرجان استنفر محمد المظفر ماكان للمسير إلى جرجان فاعتل بالخروج بجميع أصحابه وسار إلى أسفراين فانفذ عسكرا إلى جرجان واستولى عليها ثم انتقض وسار إلى نيسابور وبها محمد بن المظفر وكان غير مستعد للحرب فسار نحو سرخس ودخل ماكان نيسابور سنة أربع وعشرين وثلثمائة ثم رجع عنها خوفا من اجتماع العساكر.

.ولاية علي بن محمد على خراسان وفتحه جرجان.

كان أبو بكر محمد بن المظفر بن محتاج صاحب خراسان من ولاة السعيد عليها سنة إحدى وعشرين وثلثمائة فلما كانت سنة سبع وعشرين وثلثمائة اعتل أبو بكر وطال به مرضه وقصد السعيد راحته فاستقدم ابنه أبا علي من الصغانيان وبعثه أميرا على خراسان واستدعى أباه أبا بكر فلقي ابنه أبا علي على ثلاث مراحل من نيسابور فوصاه وحمله حملا من سياسته وسار إلى بخارى ودخل ابنه أبو علي نيسابور من السنة فأقام بها أياما ثم سار في محرم سنة ثمان وعشرين وثلثمائة إلى جرجان وبها ماكان بن كالي مستنقضا على السعيد وقد غوروا المياه في طريقه فسلك إليهم غمرة حتى نزل على فرسخ من جرجان وحاصرها وضيق عليها وقطع الميرة عنها حتى جهدهم الحصار وبعث ماكان بن كالي إلى وشمكير وهو بالري فأمده بقائد من قواده فلما وصل إلى جرجان شرع في الصلح بينهما لينجو فيه ماكان فتم ذلك وهرب ماكان إلى طبرستان واستولى أبو علي على جرجان سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة واستخلف عليها إبراهيم بن سيجور الدواتي.

.استيلاء أبي علي على الري وقتل ماكان بن كالي.

ولما ملك أبو علي جرجان أصلح أمورها ثم استخلف عليها إبراهيم بن سيجور وسار إلى الري في ربيع سنة ثمان وعشرين وثلثمائة بها وشمكير بن زياد أخو مرداويح قد تغلب عليها من بعد أخيه وكان عماد الدولة وركن الدولة ابنا بويه يكاتبان أبا علي صاحب خراسان ويستحثانه لقصد الري بأن أبا علي لا يقيم بها لسعة ولايته فتصفو لهما فلما سار أبو علي لذلك بعث وشمكير إلى ماكان بن كالي يستنجده فسار إليه من طبرستان وسار أبو علي وجاءه مدد ركن الدولة بن بويه والتقوا بنواحي الري فانهزم وشمكير وماكان ثم ثبت ماكان ووقف مستميتا فأصابه سهم فقتله وهرب وشمكير إلى طبرستان فأقام بها واستولى أبو علي على الري سنة تسع وعشرين وثلثمائة وأنفذ رأى ماكان والأسرى معه إلى بخارى فأقاموا حتى دخل وشمكير في طاعة بني سامان وسار إلى خراسان سنة ثلاثين وثلثمائة واستوهبهم الأسرى فأطلقوا له وبقي الرأس ببخارى ولم يحمل إلى بغداد.

.استيلاء أبي علي على بلد الجبل.

ولما ملك أبو علي بن محتاج صاحب خراسان بلد الري والجبل من يد وشمكير وأقام بها دعوة السعيد نصر بعث العساكر إلى بلد الجبل ففتحها واستولى على زنجان وأبهر وقزوين وقم وكرخ وهمذان ونهاوند والدينور إلى حدود حلوان ورتب فيها العمال وجبى الأموال وكان الحسن بن الفيرزان بسارية وهو ابن عم ماكان بن كالي وكان وشمكير يطمع في طاعته له وهو يتمنع فقصده وشمكير وحاصره بسارية وملكها عليه واستنجد الحسن أبا علي بن محتاج فسار معه لحصار وشمكير بسارية سنة ثلاثين وثلثمائة وضيق عليه حتى سأل الموادعة فصالحه أبو على علي طاعة السعيد نصر وأخذ رهنه ورحل عنه إلى جرجان سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة ثم بلغه مرت السعيد فعاد أبو علي إلى خراسان فملكها وراسله الحسن بن الفيرزان يستميله ورد عليه ابنه سلار الرهينة ليستعين به على الخراسانية فوعده وأطمعه ولما ملك وشكمير الري طمع فيه بنو بوبه لأنه كان قد اختل أمره بحادثته مع أبي علي فسار الحسن بن الفيرزان إلى الري وقاتل وشمكير فهزمه واستأمن إليه الكثير من جنده وسار وشمكير إلى الري فاعترضه الحسن بن الفيرزان من جرجان وهزمه إلى خراسان وراسل الحسن ركن الدولة وتزوج بنته واتصل ما بينهما.

.وفاة السعيد نصر وولاية ابنه نوح.

ثم أصاب السعيد نصرا صاحب خراسان وما وراء النهر مرض السل فاعتل ثلاثة عشرة شهرا ومات في شعبان سنة إحدى وثلاثين وثلثماثة لثلاثين سنة من ولايته وكان يؤثر عنه الكرم والحلم وأخلص في مرضه التوبة إلى أن توفي ولما مات ولي مكانه ابنه نوح وكان يؤثر الكرم والحلم عنه وبايعه الناس ولقب الحميد وقام بتدبير ملكه أبو الفضل أحمد بن حويه وهو من أكابر أصحاب أبيه كان أبوه السعيد ولى ابنه إسمعيل بخارى في كفالة أبي الفضل وولايته فأساء السيرة مع نوح وحقد له ذلك وتوفى إسمعيل في حياة أبيه وكان يؤثر أبا الفضل فحذره من ابنه نوح فلما ولي نوح سار أبو الفضل من بخارى وعبر جيحون إلى آمد وكان بينه وبين أبي علي بن محتاج صهر فبعث إليه يخبره بقدومه فنهاه عن القدوم عليه ثم كتب له نوح بالأمان وولاه سمرقند وكان على الحاكم صاحب الدولة ولا يلتفت إليه والآخر يحقد عليه ويعرض عنه ثم انتقض عبد الله بن أشكام بخوارزم على الأمير نوح فسار من بخارى إلى مرو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة وبعث إليه جيشا مع إبراهيم بن فارس فمات في الطريق واستجار ابن أشكام بملك الترك وكان ابنه محبوسا ببخارى فبعث إليه نوح بإطلاق ابنه على أن يقبض على ابن أشكام وأجابه ملك الترك لذلك ولما علم بذلك ابن أشكام عاد إلى طاعة نوح وعفا عنه وأكرمه.